قبل إنشاء الدولة الأردنية، كانت كغيرها من الدول العربية خاضعة للدولة العثمانية، وكان التنظيم القضائي في العهد العثماني متأثراً بالنظام القضائي الفرنسي، مما انعكس على الأردن باعتبارها أحد أجزاء الدولة العثمانية، وقد كان التنظيم القضائي ينطبق عليه نظام القضاء الموحد، تتولى المحاكم العادية الفصل في كافة المنازعات الخاصة بجميع الأشخاص بما في ذلك الدعاوى التي تقيمها الحكومة أو التي تُقام عليها.
وفي عهد الانتداب البريطاني لم تعمل الحكومة البريطانية على تغيير الأوضاع القانونية والقضائية في شرق الأردن بل أبقت على الأنظمة التي كانت سائدة إبان العهد العثماني، إلى أن صدر القانون الأساسي لإمارة شرق الأردن لعام 1928، الذي نظم السلطة القضائية في الأردن، وحدد أنواع المحاكم بالمدنية والدينية والخاصة، وحدد اختصاصاتها لتشمل المنازعات الخاصة بجميع الأشخاص في الإمارة بما في ذلك الدعاوى التي تقيمها الحكومة أو تقام عليها.
وبقي هذا الوضع سائدا حتى تم اندماج الضفتين الشرقية والغربية لنهر الأردن في دولة واحدة عام 1950، فبدأت مرحلة جديدة كان من نتائجها وجود نظام قضائي جديد في المملكة، كان من أبرز مظاهره إصدار الدستور الأردني لعام 1952 الذي كان من ابرز ما جاء فيه إعطاء الصلاحية للمشرع العادي إصدار قانون خاص بإنشاء محكمة عدل عليا، عند تنظيم المحاكم النظامية، وبناء عليه صدر قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 26 لسنة 1952، المنشور على الصفحة (159) من ملحق عدد الجريدة رقم (1104) الصادر بتاريخ 8/4/1952، الذي أكد في المادة (10/3) منه على اختصاص محكمة التمييز بصفتها محكمة عدل عليا بالنظر في الطعون الخاصة بانتخاب المجالس البلدية والمحلية والإدارية، والمنازعات الخاصة بمرتبات التقاعد المستحقة للموظفين العموميين وورثتهم، والطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن بالقرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين بالوظائف العامة أو بمنح الزيادات السنوية، والطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية، والطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات الإدارية النهائية الصادرة بفصلهم من غير الطريق القانوني، والطلبات التي يقدمها الأفراد والهيئات العامة بإلغاء القرارات الإدارية ويشترط في جميع الطلبات الواردة في البنود السابقة أن يكون مرجع الطعن عدم الاختصاص أو مخالفة القوانين أو الأنظمة أو الخطأ في تطبيقها أو إساءة استعمال السلطة، ويعتبر في حكم القرارات الإدارية رفض السلطة الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ أي قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقاً للقوانين والأنظمة، وفي إبطال أي إجراء صادر بموجب نظام يخالف الدستور أو القانون بناء على شكوى المتضرر. والطلبات التي تنطوي على إصدار أوامر الإفراج عن الأشخاص الموقوفين بوجه غير مشروع.
وقد طبقت محكمة التمييز بصفتها محكمة عدل عليا قواعد القانون الإداري على المنازعات الإدارية التي كانت تعرض عليها، وقررت في أحكامها مبادئ إدارية شملت معظم موضوعات القانون الإداري، ساهمت في نشأة قواعد القانون الإداري في الأردن، ومع ذلك لم يستجب هذا القانون للنص الدستوري الذي قضى بإنشاء محكمة العدل العليا.
وبقي الأمر كذلك إلى أن صدر قانون محكمة العدل العليا المؤقت رقم (11) لسنة 1989، الذي نص على إنشاء محكمة العدل العليا كمحكمة قضاء إداري مستقلة عن المحاكم النظامية، وجعل لها تشكيلها الخاص، واختصاصاتها المحددة في مجال المنازعات الإدارية، وبصدور هذا القانون تحقق الازدواج القضائي في الأردن.
وحدد هذا القانون اختصاصات هذه المحكمة على سبيل الحصر، أما المنازعات الإدارية الأخرى فبقيت من اختصاص المحاكم النظامية بصفتها صاحبة الولاية العامة. وبإنشاء هذه المحكمة تم فتح أفاق رحبة أمام القضاء الإداري لإرساء قواعد إدارية وتكريس مبادئ حماية حقوق وحريات الأفراد في مواجهة السلطة الإدارية.
وبقي هذا القانون ساريا إلى أن صدر قانون محكمة العدل العليا رقم (12) لسنة 1992 المنشور على الصفحة (516) من عدد الجريدة الرسمية رقم (3813) تاريخ 25/3/1992، الذي حل محل القانون المؤقت رقم (11) لسنة 1989 بعد إقراره من مجلس النواب، وكان هذا القانون من أوائل القوانين التي أقرها المجلس في ظل الحياة الديمقراطية التي سادت في الأردن في ذلك الوقت، ومثّل هذا القانون مرحلة جديدة وهامة في طريق تطور القضاء والقانون الإداري، وفق متطلبات التطور الحديث في مجال تنظيم القضاء الإداري وتطوره واتساعه، بما في ذلك الاستفادة من تجارب الدول ذات النظام القضائي المزدوج.
ووسع هذا القانون من اختصاصات هذه المحكمة دون غيرها بالنظر في الطعون المقدمة من ذوي المصلحة.
وعلى أثر التعديلات التي طرأت على الدستور الأردني في عام 2011، تم تعديل المادة (100) منه بالنص على انشاء قضاء اداري على درجتين لأول مرة.
وبناء عليه صدر قانون القضاء الإداري رقم (27) لسنة 2014 الذي بدء العمل به من تاريخ 16/10/2014، ونص في المادة (3) منه على إنشاء قضاء إداري على درجتين يتكون من المحكمة الإدارية والمحكمة الإدارية العليا.
وتسري على قضاة محاكم القضاء الإداري ورئيس النيابة العامة الإدارية ومساعديه الأحكام والقواعد القانونية التي تسري على القضاة النظاميين بما في ذلك أحكام قانون استقلال القضاء.
وتختص بالنظر في الطعون التي ترفع إليها في جميع الأحكام النهائية الصادرة عن المحكمة الإدارية وتنظر في الطعون من الناحيتين الموضوعية والقانونية.
تتشكل المحكمة الإدارية العليا من رئيس وعدد من القضاة ومقرها في عمان وتنعقد من هيئة أو أكثر يشكلها رئيسها وتتألف كل منها من رئيس وأربعة قضاة على الأقل ويحيل الرئيس الدعاوى المقدمة إلى المحكمة على هيئاتها.
وتكون الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية العليا قطعية لا تقبل الطعن بأي طريق من طرق الطعن
تتشكل المحكمة الإدارية من رئيس وعدد من القضاة لا تقل درجة أي منهم عن الدرجة الثانية، وتنعقد من هيئة أو أكثر يشكلها رئيسها تتألف كل منها من رئيس وعضوين على الأقل.
وقد جعل المشرع الأردني اختصاص المحكمة الإدارية المكاني جميع أراضي المملكة ومقرها في عمان ويجوز لها عقد جلساتها في أي مكان آخر في المملكة بموافقة رئيسها.
أما اختصاصها النوعي فقد وسع المشرع الأردني من اختصاصاتها بالنص على أن يشمل اختصاص دون غيرها النظر في جميع الطعون المتعلقة بالقرارات الإدارية النهائية، بما في ذلك:
كما تختص بالنظر في الطلبات المتعلقة بالأمور المستعجلة التي تقدم إليها بشأن الطعون والدعاوى الداخلة في اختصاصها بما في ذلك وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مؤقتاً إذا رأت أن نتائج تنفيذه قد يتعذر تداركها، ويجوز تقديم الطلب المستعجل عند تقديم الدعوى أو بعد مباشرة النظر فيها، وتنظر المحكمة في الطلب المستعجل تدقيقاً إلا إذا رأت خلاف ذلك.واستثنى المشرع من اختصاصها الطعون المتعلقة بالضرائب والرسوم وجعل الطعن بها بموجب طرق الطعن المبينة في القوانين الخاصة، لا تختص المحكمة الإدارية بالنظر في الطلبات أو الطعون المتعلقة بأعمال السيادة، لا تقبل الدعوى المقدمة ممن ليس له مصلحة شخصية.